عاجل
الثلاثاء 18 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
اعلان we
البنك الاهلي
"الجار " عظم القرآن قيمته.. وفقد بين الناس أهميته

"الجار " عظم القرآن قيمته.. وفقد بين الناس أهميته

"الجيران" هي جمع كلمة الجار والمعنى الاصطلاحي لمفهوم "الجار" هو الشخص الملاصق لك في السكن أو العمل، وتطلق كلمة الجيران على كل من يتمتع بصفات وسلوكيات الجيرة الطيبة التي ذكرت في الكتب السماوية .



ونظرا لأهمية الجار ومكانته فقد أمرنا القرآن الكريم بالإحسان إلى الجار ، حيث قال تعالى في كتابه الكريم "وَالْجَارِ ذِي القربى وَالْجَارِ  الْجُنُبِ" .

كما أوصانا النبي الكريم من خلال العديد من الأحاديث النبوية الشريفة بحسن معاملة الجار حتى أنه كان له جار دائما يؤذيه وعندما تأخر عنه وعلم بمرضه ذهب الرسول الكريم لزيارته.

وقد كان الرسول الكريم يوصي زوجته عندما تطهو الطعام أن تزيد الكمية وتوزع على الجيران، فكيف له أن يأكل وقد يكون جاره جائعا فكان يستنكر مثل ذاك الأمر.

أما عن صفات الجار الحق فنجد أنه هو من يقوم بتقديم يد العون والمساعدة لجاره في جميع المناسبات، ويقف إلى جانبه في الأفراح والأحزان، فيفرح لفرحه ويحزن لحزنه ، ويزوره عند مرضه ويدعو له بالشفاء العاجل، ويدعمه نفسيا وقد يكون هناك دعم ماديا في بعض الأحيان. كما يوجد مثل شهير يقول "اختر الجار قبل الدار " .

فإذا أمعنا النظر في ما كان عليه حال الجيران نجد أنهم كانوا في شهر رمضان الكريم يتبادلون العزائم وأشهى الأطباق، ويقومون بتوزيع الحلويات على الأطفال، وقبل إطلاق مدفع الإفطار يقوم شباب المنطقة "مسلمين  ومسيحيين" بتقديم التمر والعصائر للمارة في مشهد يعكس صورة التآخي والحب والتراحم الذي كان يربط الجيران ببعضهم.

ومع اقتراب الأعياد والمواسم نجد الجيران يقومون بمساعدة بعضهم في صناعة وعمل  الكعك في جو مبهج ومفرح، ويتبادلون الهدايا ويهنئون بعضهم البعض، كما يخرجون للتنزه  سويا، والمسلم يهنئ جاره المسيحي في أعياده وبالمثل يقوم الجار المسيحي بتقديم التهاني في صورة تعكس مدى الصلة و الترابط بين الجيران.

وفى يوم الجمعة يتعاون الجميع في تنظيف الشوارع وفرش سجاد الصلاة والذهاب لتأدية الصلاة ثم يتبادلون عزائم الغداء، وبحلول المساء تقام السهرات المنزلية حيث يجتمعون لمشاهدة المباريات وتناول الشاي والقهوة، ويقومون بمشاهدة الأفلام سويا فهناك من يقدم الحلويات، بينما يقوم الآخرون بإحضار التسالي، دون أن يتسببون في إزعاج للآخرين، فقد كانوا حريصون على مراعاة مشاعر باقي جيرانهم، والأخذ في الاعتبار بعادات وتقاليد مجتمعهم  

وفي ظل هذا المناخ كان ينشأ أبناء الجيران كالأخوة "يد واحدة" لا يوجد بينهم ضغائن أو مشاحنات، وكان يسود الود والتراحم بينهم .  لذلك كانت الحياة سهلة وبسيطة والقلوب نظيفة لا مكان فيها للغيرة والأحقاد.

 وكانوا يتمنون الخير لبعضهم البعض، وكانت أخلاقهم  نبيلة وكانت الجيران تتعامل مع بعضها البعض كما لو كانوا أسرة واحدة تربطهم صلة قرابة مشاهد وصور كثيرة كانت تعكس وتؤكد على أهمية وقيمة الجار . 

أما الآن فقد أصبح الجيران لا يعرفون بعضهم البعض، ومن يسأل عن الآخر  يصبح متطفلا ولا يراعي الجار مشاعر جاره، فلا يوجد أدنى مشكلة في إقامة عزاء وفرح بنفس المنشأة السكانية. بالإضافة إلى انتشار الأصوات الصاخبة دون مراعاة لكبار السن، وأصبح الأطفال يلعبون في أوقات غير مناسبة من اليوم مما يتسبب في إزعاج الآخرين، وما ينتج عن ذلك من نشأة المشاحنات بين الجيران بعد أن كانوا بمثابة عائلة واحدة .

حالنا اليوم أصبح كالآتي: لا نتحاور لا نتزاور، وفقدنا الكثير من المشاعر الطيبة، وللأسف الشديد أصبحنا لا نأمن على ترك أولادنا مع جيراننا بعد أن كنا نأمنهم على بيوتنا وأموالنا وأسرارنا وأولادنا والأغرب أننا أصبحنا لا نعرف من يسكن في العمارة التي نسكنها، بعد أن كنا نعرف جيراننا في المنطقة المحيطة بنا، وأصبحت الفتاة أو السيدة معرضة للمضايقة من جارها بدلا من حمايتها.

أخيرا وليس آخرا هل فقدت الجيرة قيمتها وأهميتها؟، أم فقدنا نحن مهارة تعليم أبنائنا ما غرسه فينا آباؤنا وأمهاتنا وأهلنا من الاهتمام والحفاظ على العلاقة الطيبة والحميمة بين الجيران وبعضهم البعض، الأمر الذي كان يشكل إرث يتوارثه ويحافظ عليه الأجيال فرغم أن القرآن عظم قيمة الجار ، إلّا أن الناس أفقدوه أهميته بين الناس .

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز